بسم الله الرحمن الرحيم
هل يمكن أن تصرع الشيطان
نعم.يمكن ذلك فعمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا اقترب منه الشيطان أصابه صرع .
للإمام ابن الجوزيه
الطاعة تنوِّر القلب، وتجلوه وتصقُله، وتقوّيه وتثبته، حتّى يصير كالمرآة المجلوة في جلائها وصفائها فيمتلئ نوراً؛ فإذا دنا الشيطان منه أصابه من نوره ما يصيبُ مُسْتَرِقي السَّمعِ من الشهب الثواقب. فالشيطان يفرَق من هذا القلب أشدَّ من فرَقِ الذئب من الأسد، حتى إنّ صاحبه لَيصرَعُ الشيطان، فيخِرّ صريعاً، فيجتمع عليه الشياطين، فيقول بعضهم لبعض: ما شأنه؟ فيقال: أصابه إنسيّ، وبه نظرة من الأنس!
فيا نظرةً من قلبِ حُرٍ منوَّرٍ ... يكاد لها الشيطانُ بالنور يحرَقُ
أفيستوي هذا القلبُ، وقلبٌ مظلمةٌ أرجاؤه، مختلفةٌ أهواؤه، قد أتخذه الشيطان وطنَه، وأعدَّه مسكنَه. إذا تصبّح بطلعته حيّاه، وقال: فديتُ مَن لا يفلح في دنياه ولا في أخراه !
أنا قرينك في الدنيا وفي الحشر بعدها ... فانت قرينٌ لي بكلّ مكـانِ
فإن كـنتَ في دار الشقـاء فانّـني ... وأنت جميعاً في شقاً وهوان
قال الله تعالى:
﴿وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَحَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُوَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾.
فاخبر سبحانه أنْ من عشا عن ذكره - وهو كتابه الذي أنزله علي رسوله - فأعرض عنه، وعميَ عنه، وعشَتْ بصيرتُه عن فهمه وتدبّره ومعرفةِ مراد الله منه = قيّض الله له شيطاناً عقوبةً له بإعراضه عن كتابه. فهو قرينه الذي لا يفارقه لا في الإقامة ولا في المسير، ومولاه وعشيره الذي هو بئس المولى وبئس العشير.
ثم أخبر سبحانه أن الشيطان يصدّ قرينه ووليّه عن سبيله الموصل إليه وإلى جنته، ويحسب هذا الضالُّ المصدودُ أنَّه على طريق هدىً، حتى إذا جاء القرينان يوم القيامة يقول أحدهما للآخر: ياليت بيني وبينك بُعدَ المشرقين، فبئس القرين كنتَ لي في الدنيا! أضللتَني عن الهدى يعد إذ جاءني، وصددتَنى عن الحقّ، وأغوايتني حتى هلكتُ، وبئس القرين أنت لي اليوم!